فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولا نقول لحظة الانفعال ما يسخط الرب. بل انفعال موجّه، والغيظ يحتاج إليه المؤمن حينما يهيج دفاعًا عن منهج الله، ولكن على المؤمن أن يكظمه.. أي لا يجعل الانفعال غالبا على حسن السلوك والتدبير. والكظم- كما قلنا- مأخوذ من أمر محس. مثال ذلك: نحن نعرف أن الإبل أو العجماوات التي لها معدتان، واحدة يُختزن فيها الطعام، وأخرى يتغذى منها مباشرة كالجمل مثلًا، أنه يجتر.
ومعنى: يجتر الجمل أي يسترجع الطعام من المعدة الإضافية ويمضغه، هذا هو الاجترار. فإذا امتنع الجمل عن الاجترار يقال: إن الجمل قد كظم. والحق سبحانه يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}.
وقلنا: إن هناك فرقًا بين الانفعال في ذاته، فقد يبقى في النفس وتكظمه، ومعنى كظم الانفعال: أن الإنسان يستطيع أن يخرجه إلى حيز النزوع الانفعالي، ولكنّه يكبح جماح هذا الانفعال. أما العفو فهو أن تخرج الغيظ من قلبك، وكأن الأمر لم يحدث، وهذه هي مرتبة ثانية. أما المرتبة الثالثة فهي: أن تنفعل انفعالًا مقابلًا؛ أي أنك لا تقف عند هذا الحد فحسب، بل أنك تستبدل بالإساءة الإحسان إلى من أساء إليك. إذن فهناك ثلاث مراحل: الأولى: كظم الغيظ. والثانية: العفو. والثالثة: أن يتجاوز الإنسان الكظم والعفو بأن يحسن إلى المسئ إليه.
وهذا هو الارتقاء في مراتب اليقين؛ لأنك إن لم تكظم غيظك وتنفعل، فالمقابل لك أيضا لن يستطيع أن يضبط انفعاله بحيث يساوي انفعالك، ويمتلئ تجاهك بالحدة والغضب، وقد يظل الغيظ ناميًا وربما ورّث أجيالا من أبناء وأحفاد.
لكن إذا ما كظمت الغيظ، فقد يخجل الذي أمامك من نفسه وتنتهي المسألة.
{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} مأخوذة من عفّى على الأثر والأثر ما يتركه سير الناس في الصحراء مثلا، ثم تأتي الريح لتمحو هذا الأثر. ويقول الحق في تذييل الآية: {وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
وقلنا في فلسفة ذلك: إننا جميعًا صنعة الله، والخلق كلهم عيال الله. وما دمنا كلنا عيال الله فعندما يُسيء واحد لآخر فالله يقف في صف الذي أسيء إليه، ويعطيه من رحمته ومن عفوه ومن حنانه أشياء كثيرة. وهكذا يكون المُساء إليه قد كسب. أليس من واجب المُسَاء إليه أن يُحسِن للمسيء؟.
لكن العقل البشري يفقد ذكاءه في مواقف الغضب؛ فالذي يسيء إلى إنسان يحسبه عدوًّا. لكن على الواحد منا أن يفهم أن الذي يسيء إليك إنما يجعل الله في جانبك؛ فالذي نالك من إيذائه هو أكثر مما سلبك هذا الإيذاء. هنا يجب أن تكون حسن الإيمان وتعطي المسيء إليك حسنة.
ويضيف الحق من بعد ذلك في صفات أهل الجنة: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله}. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذرعن عطاء بن أبي رباح قال قال المسلمون يا رسول الله بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا. كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبًا أصبح وكفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه. أجدع أنفك، اجدع أذنك، افعل كذا وكذا. فسكت. فنزلت هذه الآيات {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} إلى قوله: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير من ذلكم» ثم تلا هؤلاء الآيات عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك في قوله: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} قال التكبيرة الأولى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وسارعوا} يقول: سارعوا بالأعمال الصالحة {إلى مغفرة من ربكم} قال: لذنوبكم {وجنة عرضها السماوات والأرض} يعني عرض سبع سموات وسبع أرضين، لو لصق بعضهم إلى بعض فالجنة في عرضهن.
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس في الآية قال: تقرن السموات السبع، والأرضون السبع كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض. فذاك عرض الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كريب قال: أرسلني ابن عباس إلى رجل من أهل الكتاب أسأله عن هذه الآية: {جنة عرضها السماوات والأرض} فأخرج أسفار موسى، فجعل ينظر قال: سبع سموات وسبع أرضين تلفق كما تلفق الثياب بعضها إلى بعض، هذا عرضها؛ وأما طولها فلا يقدر قدره إلا الله.
وأخرج ابن جرير عن التنوخي رسول هرقل قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل وفيه: أنك كتبت تدعوني إلى {جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله...! فأين الليل إذا جاء النهار؟».
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت قوله: {وجنة عرضها السماوات والأرض} فأين النار؟ قال: «أرأيت الليل إذا لبس كل شيء فأين النهار؟» قال: حيث شاء الله قال: «فكذلك حيث شاء الله».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب، أن ناسًا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السموات والأرض فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار؟ وإذا جاء النهار أين الليل؟ فقالوا: لقد نزعت مثلها من التوراة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن يزيد بن الأصم، أن رجلًا من أهل الأديان قال لابن عباس: تقولون {جنة عرضها السماوات والأرض} فأين النار؟ فقال له ابن عباس: إذا جاء الليل فأين النهار؟ وإذا جاء النهار فأين الليل؟.
وأخرج مسلم وابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: «نعم». قال: بخ بخٍ... لا والله يا رسول الله لابد أن أكون من أهلها قال: «فإنك من أهلها». فأخرج تميرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة. فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. اهـ.
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {الذين ينفقون في السراء والضراء} يقول: في العسر واليسر {والكاظمين الغيظ} يقول: كاظمون على الغيظ كقوله: {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} [الشورى: 37] يغضبون في الأمر لو وقعوا فيه كان حرامًا فيغفرون ويعفون، يلتمسون وجه الله بذلك {والعافين عن الناس} كقوله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} [النور: 22] الآية. يقول: تقسموا على أن لا تعطوهم من النفقة واعفوا واصفحوا.
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول الله والكاظمين الغيظ ما الكاظمون؟ قال: الحابسون الغيظ قال عبد المطلب بن هاشم:
فخشيت قومي واحتبست قتالهم ** والقوم من خوف قتالهم كظم

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {والعافين عن الناس} قال عن المملوكين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله: {والعافين عن الناس} قال: يغيظون في الأمر فيغفرون ويعفون عن الناس، ومن فعل ذلك فهو محسن {والله يحب المحسنين} بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند ذلك «هؤلاء في أمتي قليل إلا من عصمه الله، وقد كانوا كثيرًا في الأمم التي مضت».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة في قوله: {والكاظمين الغيظ} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كظم غيظًا وهو يقدر على انفاذه ملأه الله أمنا وإيمانًا».
وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد. ما كظم عبد الله إلا ملأ الله جوفة إيمانًا».
وأخرج البيهقي عن ابن عمر. مثله.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحوَّر شاء».
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بالصرعة ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب».
وأخرج البيهقي عن عامر بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بناس يتحادون مهراسًا فقال: «أتحسبون الشدة في حمل الحجارة؟ إنما الشدة أن يمتلئ الرجل غيظًا ثم يغلبه».
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: يقال يوم القيامة ليقم من كان له على الله أجر، فما يقوم إلا إنسان عفا.
وأخرج الحاكم عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن يشرف له البنيان، وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه، ويعطِ من حرمه، ويصل من قطعه».
وأخرج البيهقي عن علي بن الحسين، أن جارية جعلت تسكب عليه الماء يتهيأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه، فرفع رأسه إليها فقالت: إن الله يقول: {والكاظمين الغيظ} قال: قد كظمت غيظي قالت {والعافين عن الناس} قال: قد عفا الله عنك قالت {والله يحب المحسنين} قال: اذهبي فأنت حرة.
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وجبت محبة الله على من أغضب فحلم».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن عبسة أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ فقال: «الصبر، والسماحة، وخلق حسن».
وأخرج البيهقي عن كعب بن مالك أن رجلًا من بني سلمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فقال: «حسن الخلق». ثم راجعه الرجل فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «حسن الخلق». حتى بلغ خمس مرات.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وضعفه عن جابر قال قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الشؤم؟ قال: «سوء الخلق».
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وضعفه عن عائشة مرفوعًا قال: «الشؤم سوء الخلق».
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن حسن الخلق ليذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد».
وأخرج البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم «الخلق السوء يفسد الإيمان كما يفسد الصبر الطعام» قال أنس: وكان يقال: إن المؤمن أحسن شيء خلقًا.
وأخرج ابن عدي والطبراني والبيهقي وضعفه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وان الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل».
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن حسن الخلق يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الصبر العسل».
وأخرج البيهقي وضعفه عن طريق سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسن الخلق زمام من رحمة الله في أنف صاحبه، والزمام بيد الملك، والملك يجره إلى الخير، والخير يجره إلى الجنة. وسوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه، والزمام بيد الشيطان، والشيطان يجره إلى الشر، والشر يجره إلى النار».
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء يقول: «والله ما حسن الله خلق رجل ولا خلقه فتطعمه النار».
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: «من سعادة ابن آدم حسن الخلق، ومن شقوته سوء الخلق».
وأخرج الخرائطي والبيهقي عن ابن عمرو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء يقول: «اللهم إني أسألك الصحة، والعفة، والأمانة، وحسن الخلق، والرضا بالقدر».
وأخرج أحمد والبيهقي بسند جيد عن عائشة قالت كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم كما حسنت خلقي فاحسن خلقي».
وأخرج الخرائطي والبيهقي عن أبي مسعود البدري قال كان من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم حسنت خلقي فاحسن خلقي».
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق».
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا».
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان هينًا قريبًا حرمه الله على النار».
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرني ولا تكثر فلعلي أعقله فقال: «لا تغضب». فأعاد عليه فقال: «لا تغضب».
وأخرج الحاكم والبيهقي عن جارية بن قدامة قال قلت: يا رسول الله قل لي قولًا ينفعني وأقلل لعلي أعقله قال: «لا تغضب».
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبعدني من غضب الله؟ قال: «لا تغضب».
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلى مغيربان الشمس، حفظها ونسيها من نسيها، وأخبر ما هو كائن إلى يوم القيامة، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة، وان الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون. ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء. ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، فمنهم من يولد مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموت مؤمنًا، ومنهم من يولد كافرًا ويحيا كافرًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولد مؤمنًا ويحيا مؤمنًا ويموت كافرًا، ومنهم من يولد كافرًا ويحيا كافرًا ويموت مؤمنًا. ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم. ألم تروا إلى حمرة عينيه، وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئًا فليلزق بالأرض. ألا إن خير الرجال من كان بطيء الغضب، سريع الفيء. وشر الرجال من كان بطيء الفيء، سريع الغضب. فإذا كان الرجل سريع الغضب سريع الفيء فانها بها، وإذا كان بطيء الغضب بطيء الفيء فإنها بها. ألا وإن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب، وشر التجار من كان سيء القضاء سيء الطلب. فإذا كان الرجل حسن القضاء سيء الطلب فإنها بها، وإذا كان الرجل سيء القضاء حسن الطلب فإنها بها. ألا لا يمنعن رجلًا مهابة الناس أن يقول بالحق إذا علمه. ألا إن لكل غادر لواء بقدر غدرته يوم القيامة. ألا وإن أكبر الغدر أمير العامة. ألا وإن أفضل الجهاد من قال كلمة الحق عند سلطان جائر. فلما كان عند مغرب الشمس قال: ألا إن ما بقي من الدنيا فيما مضى منه كمثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى».